بعد جولتين من المفاوضات في الدوحة وبعيداً عن الاجواء الايجابية التي تبثها الادارة الامريكية حول مفاوضات تبادل الاسرى ووقف إطلاق النار في غزة، يتوقع ان تمارس الادارة الامريكية ضغطاً حقيقاً هذه المرة على بنيامين نتنياهو، الفاشل في تحقيق نصر موهوم في الحرب، وان تدفعه خلال الجولة القادمة من المفاوضات في القاهرة نحو الاتفاق على تطبيق المرحلة الاولى من الصفقة التي تتضمن هدنة تمتد 42 يوم، وتوقف مؤقت للعمليات العسكرية وانسحاب جيش الاحتلال الاسرائيلي شرقاً وبعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان. لتتركز على الحدود في جميع مناطق قطاع غزة بما فيها وادي غزة (محور نتساريم) والايقاف المؤقت للطيران الحربي والاستطلاعي الاسرائيلي في قطاع غزة يومياً لمدة 10 ساعات و 12 ساعة في ايام تبادل الاسرى، إضافة الى عودة النازحين الى مناطقهم السكنية كما تتضمن ايضاً هذه المرحلة ادخال المساعدات والوقود والمعدات اللازمة لازالة الركام واعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية. ويحاول نتنياهو في هذه المرحلة الحصول على اكبر عدد من الاسرى الاسرائيليين في قطاع مقابل سحب قواته من محوري نتساريم و فيلادلفيا، كما سيعمل نتنياهو بموافقة امريكية على إطالة امد المفاوضات بالمرحلة الثانية التي سيتم في نهايتها التوصل الى وقف دائم لاطلاق النار وانسحاب شامل لقوات الاحتلال وذلك الى ما بعد الانتخابات الامريكية واستلام الادارة الجديدة، وهذا يعني ان نتنياهو مازال يريد هدنة مؤقتة والمقاومة تريد وفقاً دائماً لاطلاق النار. وبين هذين الموقفين تعمل الادارة الامريكية حالياً للوصول الى اتفاق يقضي بتطبيق المرحلة الاولى، واستمرار المفاوضات على تطبيق المرحلة الثانية، وفيها تريد المقاومة ان تحقق مطالبها بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب شامل لقوات الاحتلال وتبادل الاسرى، ومن ثم رفع الحصار واعادة الاعمار في المرحلة الثالثة.
وهذا سوف يتحقق بسبب فشل جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة منذ بداية الحرب، وتصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو اضافة لمحاولته بتوجيه من الادارة الامريكية. تجنب او تاجيل الرد على جريمة اغتيال رئيس المكتب اسياسي لحركة حماس اسماعيل هنية والقائد الجهادي في حزب الله السيد فؤاد شكر، وهذا ما قد يدفع الادارة الامريكية الى كسر شروط نتنياهو المتعلقة باستمرار الحرب بعد الهدنة وتبادل الاسرى وعدم الانسحاب من كامل قطاع غزة والبقاء على سيطرة لجيش الاحتلال على محوري نتساريم وفيلادلفيا، وهذا الكسر لشروط نتنياهو كي لا تخرج الاوضاع في المنطقة عن السيطرة قبل الانتخابات الرئاسية الامريكية المقررة في شهر تشرين الثاني المقبل.
ورغم استمرار حرب الابادة واستخدام جيش الاحتلال لسلاح التجويع وارتكاب المجازر ضد النازحين في الخيام ومراكز الايواء فيما تسمى المناطق الامنة، وهذا ما يعتبره نتنياهو قوة تفاوضية، يتوقع ان تشهد الجولة القادمة للمفاوضات في القاهرة اتفاقاً على تنفيذ المرحلة الاولى بداية شهر ايلول المقبل مع استمرار المفاوضات حول المرحلتين الثانية والثالثة، بعد ان شهد قطاع غزة عشرات الجولات من المفاوضات في الدوحة والقاهرة وباريس وروما، ولم تسفر كل تلك الجولات سوى عن هدنة واحدة استأنف بعدها جيش الاحتلال الحرب التي اصبحت الكلمة العليا في ميدانها للمقاومة في غزة والضفة الغربية وكافة جبهات الاسناد التي ستفرض بمعادلات القوة والصمود نهاية الحرب الاطول والاعنف والاشرس في تاريخ الصراع.
الكاتب والإعلامي حمزة البشتاوي