المقاربة التشاركية للكاتب عبد السلام اضريف

يقول (( دي طوكفيل)) Tocqueville

“ اِن أهمية التدبير الديمقراطي لا يكمن فيما تقوم به بل فيما يدفع الى القيام به “.

الديمقراطية المحلية كخيار سياسي واداري في آن واحد اضحى من المفروض في اِطار العولمة والإدارة الرقمية ان تتجاوز المفهوم التقليدي المنحصر في الديمقراطية التمثيلية ، لا ن صيرورة الديمقراطية على ضوء المفاهيم الجديدة للنظام العالمي الجديد ، وما يكتنفه من امر اِقحام الحكامة ،وحقوق الانسان ،والإنصاف ،والعدالة الاجتماعية، والمساواة في تدبير الشأن العام المحلي ، بدا يفرض نفسه في الساحة السياسية الدولية ، الآمر الذي ترتب عنه اعادة النظر في عمق المفهوم التمثيلي الذي تسبب في نوع من النّفور السياسي لَذى شريحة عريضة من المواطنين .


التدبير الجماعي له مكانة أساس بالنظر الى كون الجماعات الترابية تمثل في العمق موسسة لتأهيل الديمقراطية ، يترتب عنها تلقين من يرغب في ذلك كيفية الممارسة السياسية ، وكيفية التحلي بأدبيات وقواعد المصلحة العامة ، ونبذ كل ما من شانه ان يقَوِّض الفعل المشترك في اطار سياق عام ضمن فضاء نموذجي لتفعيل الديمقراطية المحلية .

وعلى ضوء ما سبق، اضحى جلياً بان التنمية المحلية لا يمكن تنزيلها على أرض الواقع بكيفية صحيحة الا بانخراط الجميع في صياغة وصنع القرار ، وان امر الديمقراطية التمثيلية لم يعد يمثل الحقيقة الفعلية لممارسة الديمقراطية المحلية ، لما اكتنفها من ميوعة ، وخروج عن السِّياق الذي رسمه المشرع .

التكامل الذي فرض نفسه على الديمقراطية المحلية ، يتجلى في اشراك كل الفاعلين في المجال الترابي من مراقبة وتتبع وتقييم للعمل التمثيلي بصورة مستمرة ودائمة ، عبر استشارات عامة كما هو معمول به في دول عديدة ك( كندا) مثلا ، الشيء الذي يمكن ان يعطي بُعداً آخر لمفهوم سياسة القرب .

الديمقراطية اليوم في سياقها الحديث وباعتبارها كمنظومة سياسية واخص بالذكر الديمقراطية المحلية ، والتي تدعو الى الاعتراف بأحقية الفرد والمجموعةعلى حَدٍّ سواء في صناعة تاريخهم عبر مجموعة من الميكانيزمات والآليات السياسية والقانونية.

ومن خلال استقراء لاوضاع الديمقراطية التمثيلية المحلية ، أظهرت النتايج بانها كانت السبب المباشر في ازمةً انخفاض المشاركة السياسية، على اِثرها تولد عند المواطنين شعور بالخيبة والإحباط ضد بعض محترفي السياسة الذين اضحوا عبر استمرارية المَكر والتدليس في الوصول الى المناصب التمثيلية ، مصحوبين بالرّداءة السلوكية والعلمية ، حيتُ اضحوا هم صانعوا القرارات السياسية المحلية، وتفنّنوا في اِقصاء كل كُفْءٍ خلوق صدوق في تولي مسؤولية تسيير الشأن المحلي.

لقد آن الأوان لاستكمال الديمقراطية التمثيلية بالديمقراطية التشاركية ، والاخيرة كتطور سياسي فعال لمراقبة انشطة الديمقراطية التمثبلية وتتبع تدبيرها الإداري والمالي فضلا عن صناعة القرار السياسي العمومي المحلي ، والذي يخدم بشكل أساس كل رغبات المواطنين وحاجاتهم من خدمات القرب ، لد وعليه فالرجوع الى المواطن ضمانة أساس في تثمين الديمقراطية المحلية

يقول ( جون لوك) في نفس السياق :

“اَن اَلْمحَ الى محدودية الديمقراطية التمثيلية عندما اعتبر ان لا احد يمكنه ان يُضفي الشرعية الديمقراطية على سلطة سياسية غير المواطنين أنفسهم، وأنه لايكفينا بالنسبة للمواطنين التعبير عن اختياراتهم عبر التصويت لفائدة (ممثلين) بل ينبغي ان تكون لذيهم القدرة على مراقبة نشاط هولاء الممثلين.”

ويقول ( جان
جاك روسو):

“يعتقد الشعب الإنجليزي انه حُر، فهو مخطيءكثيراً، فهو ليس حراً الا في فترة انتخاب أعضاء البرلمان، فما ان ينتخب حتى يصير عبداً ولا شيء “

وفي الاخير فالعالم العربي، وفي سياق تعزيز قواعد منظومة اللامركزية الترابية ، مدعو إلى ضرورة العودة وبشكل اساس إلى المواطن ، اعتبارا لكون ان هذا الأخير هو الحلقة المِحور والنواة الفعلية الصلبة في سلسلة جعل الحكامة الترابية الرافعة الأساس للتنمية المنصفة والمستدامة .

الكاتب عبدالسلام اضريف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *