بين وقف النار ومخططات التهجير: ماذا تريد (إسرائيل) من غزة ولبنان؟ للكاتب والباحث محمود النادي

لقد تسارعت وتيرة الأحداث بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، ابتداءً من جنوب لبنان وصولاً إلى قطاع غزة. فقد شهدت المنطقتان المذكورتان آنفًا تقدماً في عملياتهما خلال الأيام الماضية، مما دفع الاحتلال إلى زيادة الضربات على الجنوب اللبناني وقطاع غزة. وقد زاد ذلك الضغط على المقاومة في لبنان بعد أن تعرضت لضغوطات بدأت بتعطيل أجهزة الاتصال، واستهداف مقاتلي الحزب باستخدام أجهزة البيجر، بالإضافة إلى استشهاد قيادة الحزب ممثلة بأمينه العام، مما جعل الإسرائيليين يشعرون بنوع من الانتصار، وخاصة بعد الهزائم المتلاحقة التي تعرضوا لها في القطاع وعملية أكتوبر.

إلا أن الحزب استعاد قدرته على اتخاذ القرار، وشرع في استبدال بعض المواقع وتجديد هيكله التنظيمي. وهذا التطور دفع (إسرائيل) إلى إعادة حساباتها للمرة الألف، وخصوصاً بعد الكمائن والفخاخ التي تعرض لها جنودها في الجنوب وفشل العمليات البرية.

الوضع العسكري والسياسي في غزة وجنوب لبنان

إن حكومة العدو الصهيوني لن تستطيع تحقيق أي من أهدافها العسكرية أو السياسية من العدوان، سواء في غزة أو جبهة الإسناد في جنوب لبنان. فرغم أن (إسرائيل) بارعة في المكر والخداع والغدر، فإن ما تتقنه بشكل أساسي هو عمليات الاغتيال، ورغم استهدافها المستمر للمقاومة، وآخرها اغتيال الشهيد السنوار، فإن الحركة ما زالت توجع العدو وتكبدّه الخسائر.

قبول المقاومة بوقف إطلاق النار وأسبابه

لقد وافقت حماس على وقف إطلاق النار لعدة أسباب، أهمها:

  1. المبادرة المصرية: التي تقترح هدنة مدتها يومان كإثبات لحسن النوايا من كافة الأطراف، ما يعيد الرغبة في العودة إلى طاولة المفاوضات.
  2. تمسك المقاومة بشروطها: إذ لا تزال المقاومة مصرة على مطلب إعادة الإعمار، وخروج الجيش الإسرائيلي من القطاع، وفك الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، وإدخال المساعدات العاجلة، وعودة النازحين إلى بيوتهم.
  3. إحباط مخطط الاحتلال: حيث كشفت المقاومة عن خطة أعدها الجنرال الصهيوني جيورا يرلاند، والتي تستهدف تهجير سكان شمال قطاع غزة قسراً إلى الجنوب بعد دفعهم للنزوح نتيجة سياسة التجويع والقصف العنيف، بهدف إجبارهم على قبول تسويات قسرية.

أهداف الاحتلال ومخططاته

تسعى (إسرائيل) إلى إعادة الاستيطان في شمال غزة، عبر التخلي عن فك الارتباط الذي أقره شارون، وبناء مستوطنة جديدة في منطقة غوش قطيف السابقة. وتهدف كذلك إلى إنشاء منطقة عازلة في موازاة محور نتساريم، كخطوة لحماية الاستيطان، وتهجير الأهالي من الشمال باتجاه حدود مصر، مما يضغط على مصر لفتح الحدود ويؤدي إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ونزع سلاح المقاومة. وفي حال نجاح ذلك، ستتجه المخططات لاحقاً إلى الضفة الغربية لتهجير الفلسطينيين نحو الأردن.

إلا أن المقاومة ما زالت تضغط باتجاه وقف الحرب وفرض شروطها في الميدان، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، حيث تخوض نزالاً غير مسبوق أوقع بالعدو خسائر في أقوى تشكيلاته وألويته في مخيم جباليا. وهذا دفع الاحتلال إلى التوجه للجانب المصري لاستئناف التفاوض، متبعاً أسلوب المراوغة.

المآلات المحتملة للأحداث

من المتوقع أن يحاول العدو توسيع نطاق الحرب، خاصةً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، سعياً لتحقيق المزيد من المكاسب وترحيل أزماته للإدارة الأمريكية الجديدة. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون المنطقة مقبلة على تسوية شاملة أم أن هناك تصعيداً خطيراً سيشهد مرحلة جديدة من الصراع؟

الكاتب والباحث محمود النادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *