كم كان يعشق الشتاءَ والمطر !!.أتذكره حينما كان يأتي جذلا من مكان بعيد ، وقد علقت بملابسه الصوفية قطراتٌ من المطر. كان يُشيعُ في المكان جوا من المرح والألفة والاستبشار والفرح.
كان يقول وقد تصاعد بخارُ القهوة فوق المدفأة : يطربني عزف الرياح ، وأحبّ مشاهدة المطر المنهمر من الغيوم الداكنة المشبعة بماء السماء الطهور . يسعدني لمعانُ البرق، وقد شقّ الغيومَ المكفهرة، وأنارها للحظات ، ويلذّ لي سماعُ الرعود المدويّة فأتذكر ذلك البيت الشعريّ لأحد الشعراء :
إذا ما الرعدُ زمجر خِلتُ أسْدا
غضابا في السّحاب لها زئيرُ
وتبلغ سعادتُه أوجَها، عندما تنسدل ستارةٌ رقيقةٌ من العتمة ، ويهطل المطرُ غزيرا ، فتطرق حبّاتُه المتتابعة الأسطحَ، والنوافذ ، ويمتليء قلبُه فرحا، فتشرق عيناه سعادة ومودة وأملا ..
كم كان يستهويه النظرُ والتأملُ عبر النافذة ، فيرى الأشجارَ تهتزُّ سعادةً ، والأرضَ ريّانةً، وهي تستقبل غيث السماء المنهمر،فيردد لسانُه الكلمات و الأغنياتِ الحالمات التي تشدو للمطر!!
الكاتب عبد السلام العابد