استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي وطوفان الأقصى للكاتب والباحث كرم فواز الجباعي

المبادئ الأساسية لاستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي


في خضم التحديات المختلفة، فإن المبادئ الأساسية للأمن القومي الإسرائيلي هي: الردع، التفوق الاستخباراتي، الدفاع، والنصر. وعلاوة على ذلك، يجب أن تستند استراتيجية إسرائيل الأمنية دائما إلى افتراض أن حالة الردع أو معاهدات السلام يمكن أن تنهار. لذلك، فإن القول المأثور: “إذا كنت تريد السلام فاستعد للحرب” لا يزال قائما. ويجب على إسرائيل الحفاظ على نطاق أمني واسع واستعداد مستمر لتصعيد محتمل، وأن تحافظ على قدراتها للوفاء بمسؤوليتها في الدفاع عن الأمة، وتأمين وجودها، وكسب كل حرب. وفي ضوء ذلك، فإن استراتيجية الأمن القومي التي تقوم على مجموعة من المبادئ العسكرية والمجتمعية والسياسية:


أولا ـ المبادئ العسكرية:


ـ استراتيجية دفاعية مصممة لضمان وجود الدولة، وخلق فترات طويلة من الهدوء بالتزامن مع الجهود العسكرية والسياسية الاستباقية لتأخير النزاعات قدر الإمكان.لقد استطاعت المقاومة أن تتغلب على كثير من النقاط المهمة في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الردع، المفاجأة، التفوق الاستخباراتي، نقل الحرب إلى أرض العدو، حماية الداخل الإسرائيلي، الوحدة المجتمعية، تقصير أمد الحرب، والحرص على الشرعية الدولية.ـ التفوق النوعي: بما يضمن التفوق العسكري والتكنولوجي على أعداء إسرائيل.
ـ نقل المعركة إلى أراضي العدو: لتجنب ضيق الحيز الاستراتيجي الإسرائيلي.
ـ تقليل مدة القتال: والسعي لتحقيق النصر في الحرب، والحد من الضرر الذي يلحق بالجمهور والبنى التحتية، وتحقيق الأهداف القتالية في أقصر وقت ممكن.
ـ حدود يمكن الدفاع عنها بما فيها وادي الأردن، وتعتمد فيها إسرائيل على سيطرتها الأمنية المستقلة.
ـ تغذية الروح القتالية والإيمان بعدالة قضية إسرائيل.


ثانيا ـ مبادئ الأمن المجتمعي:


ـ الجيش جيش الشعب: وهو عامل الاندماج و”بوتقة الانصهار” القائمة على روح الأمة المقاتلة. ويستدعي قوته الضاربة من السكان المدنيين، أي الاحتياطيين. وله الحق الأول في اختيار من يجند في صفوفه بناء على احتياجاته.
ـ حرية العمل: هو مبدأ أساسي لمواجهة التحديات بنجاح وتحقيق الأهداف. ويرتبط ارتباطا وثيقا بالحاجة إلى المرونة المتعلقة بأدوات القوة واستخدامها عن علم.


ـ الاعتماد على الذات: مبدأ حيوي لحرية العمل، ويعكس الرغبة المستمرة في زيادة قدرة إسرائيل في مجموعة واسعة من المجالات، وخاصة مجال الأمن، وذلك لضمان قدرة الدولة على الدفاع عن مصالحها الحيوية دون مساعدة من القوات الأجنبية، أو موافقة من الدول الأجنبية.


ثالثا ـ المبادئ السياسية:
ـ مفهوم الجدار الحديدي: ويعني بناء القوة العسكرية التي تشكل جداراً من الحديد، لا توجد فيه أية تصدعات أو شقوق، بحيث كلما حاول العربي والفلسطيني المقاومة سيصطدم رأسه بهذا الجدار ويتعب وييأس. أو بعبارة أخرى، لا يمكن تحقيق السلام إلا بعد أن يوقن أعداء إسرائيل أن جهودهم غير فعالة، وتعمل على زيادة معاناتهم. يجب أن يقتنعوا بأن بإمكانهم تحقيق أكثر من ذلك بكثير من خلال الحوار؛ وليس من خلال العنف.


ـ بناء القوة الداخلية والخارجية: وتستند إلى الأفكار التي نشأت مع دافيد بن غوريون فيما يتعلق بالعلاقات المتبادلة بين المجتمع والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والجيش القوة والمكانة الدولية والسياسة الخارجية.
ـ استخدام القوة إذا فشلت الجهود السياسية: ستفضل إسرائيل دائما استخدام الأدوات السياسية بدلا من الأدوات العسكرية، ولكن يجب أن مستعدة لواقع أن الحرب قد تفرض عليها لمواجهة التهديدات لمصالح أمنها القومي الحيوية. لذلك في غياب وسيلة سياسية للحد من التهديدات، ستستخدم دولة إسرائيل القوة، سواء نفذها الجيش أو مؤسسات أمنية أخرى.


العوامل المؤثرة في صياغة استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي


هناك عدة عوامل تؤثر على صياغة استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي، داخلية ودولية وإقليمية، وهي:
أولا ـ العوامل الداخلية: وهي التي تشكل خصائصها على مستوى عميق، وتعبر عن هويتها ورؤيتها، وسبب وجودها، والعامل المشترك غير قابل للتغيير لجميع السكان. ومنها تستمد إسرائيل قيمها الوطنية.
ـ المصالح الأمنية الحيوية العليا لإسرائيل: وتتمثل في الحفاظ على سيادتها، وحراسة أصولها الحيوية، وضمان سلامة سكانها.
ـ عامل الجغرافيا: وهو عامل مهيمن في الأمن القومي لإسرائيل. فمعظم سكان إسرائيل والبنى التحتية الحيوية داخل شريط ضيق من منطقة السهل الساحلي. وهذا هو الجزء الأكثر أهمية منها، ويتعرض لتهديد دائم من قبل أنواع مختلفة من الصواريخ القادرة على تعطيل الحياة اليومية، وإلحاق الضرر بالمنشآت والأصول الحيوية، وإعاقة تعبئة الاحتياطي وتحركات القوات من وإلى الساحات المختلفة.

ثانيا ـ العوامل الدولية:


يولي المجتمع اهتماما كبيرا بالبيئة الاستراتيجية لإسرائيل، وذلك لارتباط موقعها الاستراتيجي بخمس قضايا مهمة على النطاق العالمي:


1 ـ الطاقة: فالشرق الأوسط هو مركز لإنتاج الطاقة وتصديرها، وعامل مهم في سوق الطاقة العالمي.
2 ـ طرق التجارة: العديد من طرق التجارة العالمية تمر بالشرق الأوسط مما يجعله عنصرا مهما للاقتصاد العالمي.
3 ـ الشرق الأوسط مصدر عدم الاستقرار: يبذل العالم جهودا مضنية لمنع انتقال الظواهر السلبية من الشرق الأوسط التي قد تؤثر على أوروبا والساحة الدولية بأكملها، مثل: الهجرة غير الشرعية، الإرهاب، وانتشار الأيديولوجيات المتطرفة.
4 ـ القيم المشتركة بين إسرائيل والغرب: تأسست إسرائيل على المثل العليا للديمقراطية الغربية والتي هي أساس هذا الاهتمام.
5 ـ وجود الأماكن المقدسة: توجد مواقع مقدسة لثلاث ديانات رئيسية: اليهودية والمسيحية والإسلام.
لكن، وفي الوقت نفسه، فإن الساحة الدولية هي تربة خصبة للكيانات التي تثير المشاعر المعادية لإسرائيل، وتنكر شرعيتها في الوجود باعتبارها الدولة القومية للشعب اليهودي، وتدعو إلى زوالها.
دور المؤسسة الأمنية في تطبيق استراتيجية الأمن القومي
تعمل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية باستمرار للدفاع عن الدولة خلال فترات الهدوء والطوارئ والحروب. وللقيام بذلك، فإنها تشارك في ثلاثة جهود رئيسية:


1 ـ الاستعداد للحرب من خلال بناء القوات من كل نوع.
2 ـ الهجمات الاستباقية والحملة بين الحروب: وهذا لا يستلزم الاستعداد للحرب فحسب، بل السعي أيضا نحو تدابير هجومية استباقية تعتمد على معلومات استخباراتية عالية الجودة.
3 ـ شن الحرب: يجب أن يكون الجيش في حالة استعداد عالية وفورية لاستخدام القوة للدفاع عن سيادة إسرائيل ومواطنيها ووقف التهديد وتحقيق النصر على العدو.


اخيرا :
لقد استطاعت المقاومة أن تتغلب على كثير من النقاط المهمة في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الردع، المفاجأة، التفوق الاستخباراتي، نقل الحرب إلى أرض العدو، حماية الداخل الإسرائيلي، الوحدة المجتمعية، تقصير أمد الحرب، والحرص على الشرعية الدولية.فكل هذه العناصر نالت ضربات ساحقة يوم 7 أكتوبر وما بعده. فلقد حققت المقاومة تفوقا استخبارتيا ومفاجأة استراتيجية، ومازالت إسرائيل تتلقى ضربات موجعة حتى اليوم، ومازال الشعب الفلسطيني صامدا رغم التضحيات الجسام، ومازالت المقاومة هي صاحبة الشعبية والقرار لدى الشعب الفلسطيني. أما على المستوى العالمي، فقد أصبحت إسرائيل كيانا مارقا، وصارت شرعية وجودها محل تساؤل وشك كبيرين.

الكاتب والباحث كرم فواز الجباعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *