من أول السطر إذا كان الخيال الأدبي أو المخيال الأدبي جزء من عملية إنتاج النص نثرا وشعرا ، سواء كان التعريف به ـ أقصد الخيال الأدبي ـ وأنه يشبه أحلام اليقظة التي تولدها الحاجة والرغبة الإنسانية في تحقيق تلك الاحلام ، أو أنه من الواقع المخزون في ذاكرة المبدع الأدبي، أو أنه من عالم مثالي، أو غيرها ، فالقارئ المتلقي أيضا يملك الخيال الأدبي وهي منظومة إنسانية يتصف بها الانسان دون المخلوقات الاخرى، جزء من عملية عمل المخ البشري وجهازه الُمولد للأفكار والإحساس، فهي بالتالي جزء من شخصية الناقد بوصفه متلقيا قارئا وكاتبا فهو منتج للنص النقدي الأدبي، ولكن يختلف الخيال الأدبي عند النقاد من ناقد الى ثانٍ لذلك تختلف النقود الأدبية في مشغلها على النص الواحد نثرا أو شعرا، لإختلاف المباني الذهنية وطريقة التفكير والقراءات النقدية الأدبية والثقافية والواقع الذي جاء منه الناقد وكذلك الاختلاف في الاطلاع على اكثر من فلسفة ، والتحصيل العلمي الاكاديمي في اختصاص النقد الأدبي، كما أن الخيال الأدبي في عملية النقد الادبي ابان الممارسة التطبيقية على النصوص ،يختلف حتما عن النقد الأدبي في عملية إنتاج النص ، إلا أنه يظل خيالاً إنسانيا ، فيما يدخل الخيال الأدبي عند الناقد الذي يغترف من الواقعي والمثالي معا ، منذ البداية للإحساس بالنص قبل الشروع بالكتابة النقدية الأدبية أنها عملية الفكرة والإحساس بالنص بضرورة الكتابة عملية شفافة معقدة متداخلة داخل منظومة عقل الناقد، اذ عملية الاحساس بالنص تُولد ضرورة الكتابة عنه دون حضور الأدوات النقدية الادبية ومدارسها ومناهجها، أنه شعور يدفع بك للبحث اكثر في النص في حضور متخيل لشيء ما يتصل بما تعرفه أو تبحث عنه جماليا وفنيا، يولد الاحساس مثل ومضة البرق في خلايا المخ ويشع داخل مملكة جسم وروح الناقد، ثم بعدها يستعيد الناقد من خزينه المعرفي حيث أدوات الكتابة النقدية الأدبية .
كان السؤال :هل الخيال جزء من الإنتاج النقدي الأدبي من الشاعر والناقد كامل حسن الدليمي في مدينة الحلة مدينة الاسئلة كما هي أغلب مدن العراق الحضاري، فكان الجواب مني بنعم دون تفاصيل كما سبق، حدث ذلك سنة ٢٠١٨ عندما شرعتُ اطبع كتابي النقدي الأدبي ” النحت في قصة الغرفة ” طباعة دار النخبة في مصر، وقد اكتفى الشاعر بالجواب دون تفاصيل،
اليوم عاد السؤال ذاته في ذاكرتي بعد رحيل الشاعر كامل الدليمي ـ رحمه الله برحمته الواسعة – ،
هل الخيال جزء من النقد الأدبي ؟ كان سؤال الشاعر كامل الدليمي ينم عن معرفة عندما قرأ كتاب ” النحت في قصة الغرفة ” لمؤلفه مؤيد عليوي ، إذ قصة ” الغرفة ” لميثم الخزرجي كانت من ثلاث صفحات تقريباً والكتاب عنها لوحدها كما عنوانه من يتكون ٨٥ صفحة فكان سؤال الشاعر كامل الدليمي سؤالا ينم عن معرفة واسعة بعملية إنتاج النقدي الأدبي ، والسؤال ذاته مازال قائماً ، من جهة ثانية تختص بالنقاد هل يعلم الناقد أن جزء مِن عمله النقدي الأدبي يرتكن الى الخيال، ونعيد السؤال بطريقة ثانية كيف تكون عملية التلقي والكتابة النقدية عند الناقد لقصيدة اكثر خيالا وتأويلا من قصة قصيرة أو رواية ؟، إذ الشعر مهبط الخيال في الشعر الكلاسيكي والحديث منه بأنواعه وأجناسه المتباينة ، وكيف يكون عمل الخيال عند الناقد مع النثر قصة أو رواية ؟،وربما يرفض بعض النقاد عنصر الخيال في انتاج النقد الأدبي بما يريدون من قوالب الكتب والنظريات الجاهرة للنقد الأدبي ،لكن قارئ ومتلقي النقد الأدبي سيرى نصوصهم خاويا من الروح عبارة عن قوانين متراصة ومملة ، فالخيال في النقد الادبي عملية انتاج جديدة للنص الادبي نثرا وشعرا.
وفي اخر السطر شكرا جزيلا للشاعر والناقد كامل الدليمي على سؤاله : هل الخيال جزء من انتاج النقد الادبي؟ ، وعلى كرمه في طباعة كتابي ” النحت في قصة الغرفة ” .
الكاتب والناقد مؤيد عليوي