( قطعة من النثر الفني )بيت العائلة( مرثية عربية )



                                                   ( 1)
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة، يعبق دخان سيجارتي  بالمكان، أرى شبحا !، إنسانا ، أنا أظنه !!، نعم أنا ، بمشيب ينذر بوداعي ، وتجاعيد تحد ، أسير على قضبان لمكان مقدر ، ومدى مقدر ، يلاحقني شيب ، تصرخ أمال ، وروح هائمة ، تطلب مبتغاها ، تلاحقني صرخات حذرة ، تشد ثوبي ، يتمزق ، لأجدنى مستورا بإزاري ، مصرا على الخطو ، أو الحبو ، بطريقي يجثو اليأس ، يعرقلنى ، ألملم نفسي ، فأخطف ثمرة حلمي ، يطاردني اليأس ، أمل يحد ونى ،  نذر بالوداع ، ساقاي  يكبلهما الوهن ،  أقاوم ململما أشتاتى ، أبحث عن متكأ لي ، تدفعني أحلام صباي ، أنا المتمرد و الباكي أتشبث حلمي ، إيه!! يا قبس الأمل الباقي. 


 (2 )
●  في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة ، أحلامي ما كانت ثكلى ، وما روعتني إمكانياتي ، ولا قصور في ذاتي ، ويأتي أبى الشيخ ، كتاب الحكمة في ملفاتي ، يثنينى قف ، لا تلهث ، وأنا ماض في طريقي ، متمرد، ثائر ، على الإنسان القانط في صدري القاطن في كياني ، أحاول يا أبي أن أحقق حلما ، وإلا سألني ولداي ، عن ماض ، وآت  لم لم يتحقق الحلم ؟!! ، اتركني لأجل حفيديك ، لروحي المعذبة ، ألملم هناتى ، أناتي خيالاتي ، أقابل حلما روعنى ، وإلا رثاني ، فتروى أرضه عبراتي ، بالله عليك يا أبت ، دعني ، حل قيودي ، فك أسرى ، لأبدل عثراتي ، نزواتي ، فما بقى من عمري أقل من أن يحتوى زلاتي ، حل قيودي عنى ، كلامك يحبطني ، أريد أن تبلغ الذرا كلماتي.


( 3 )
●في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة، في سراديب أسير ، وعلى جدرانها ، كتابات ن حسابات ، لا أستطيع قراءتها ، وأسير لا أدرى ، أفرعونية ؟!! ،أم بابلية ؟!! ، أم أموية ؟!! ، عباسية ؟!!، مملوكية؟!!،أتلمس طريقا ، أجد بردية !! ، مكتوبا عليها سفر الأحزان ، منقوشا بحروف كونية ، امض كخيول عربية ، اقهر عثراتك تصل لسر الأبدية ، كن حلمك فلولاه لعجلنا المنية ، كيانات مهترئة، ثيران تجر سواقي ، ذليلة متدنية، يلاحقها سوط فلا تقف ، وتدور ، تدور ، بلا روية ، ويكف السوط ، وتظل تدور متدنية ، لولا الحلم لكنت كثور ، فأنا بالحلم سر البشرية.


(4 )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة، أهيم على وجهي ، شعري أشعث ، وجهي مغبر ، أأنا قيس بن الملوح ؟!! ، إذن أين العامرية ، أفي أحضان ورد ؟!! ، وأنا نفاية حب بشرية !! ، عشقت، وتدلهت حتى النخاع ، تلاحقني مصمصة الشفاه ، ودمع أمي يجرى كالسيل ، لما ذقت الويل ، وضحكة ليلى تتعالى في الأحضان ، تتزلزل أوصالى ، فجرا تأتيك أبتاه بقميصي الممزق ، تنبيك كذبا عن غدر ذئب ، وأنا فاغر الفم.


( 5 )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة، أجلس مرتديا عقالا ، أبذر في الهواء مالا ، ألعب قمارا ، أتردى مع القيان تحت الطراف المدد ، أأكل لحم غزلان ،يضيع منى الإنسان ،  ويتوه عقلي، وأنا الغافل ،أن الألف باء ، من هان على نفسه ، كان على غيره أهون .


( 6  )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة، تلفت بزهو وحنين أتحسس سيفي ، وأقبل كتفا ربت عليه صلاح الدين ، وأنا في حطين ، لدارى أعدو ، مرورا بالقدس ، لأصلى بالأقصى قبل رحيلي ، مظنة أن يحتفي بي أهل الدار ، يضعون على رأسي إكليل الغار ، والعار كل العار ، آه أخجل من أن أنبيك مما رأت عيني ، أناسا يرتدون الريش فوق الرءوس والأجسام ، يتجرعون ذلا وهوانا ، وفيهم ذو اللسان الماضي ، وذنب الخيبة والذئب العاوي ، والطفل المتوثب في يده حجارة ، وفى عبه حجارة ، وعلى رأسه عقاله ، واليانكى يلهب ظهورنا بالسوط ، وتنتهك الحرمات ، والنجمة سداسية في السماء السوداء ، أقبل كتفا ربت عليه صلاح الدين في حطين ، فلا أجد غير الطين ، أتحسس محبطا سيفا فلا أجده ، هل فقدته ؟!، هل انكسر ؟! ، حتى الغمد ضاع منى ، ألبسوني ريشا ، وظللت معهم أصرخ ، وأسموني الفرخ العريان ، واليانكى يلهب ظهورنا بالسوط ، والنجمة سداسية في السماء السوداء.


( 7 )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة ، كل أخ لي يسير وفق هواه بقبيلته، لا رابط يجمعنا ، لا كبير لنا يراضينا ، ويحدونا ، والريبة تباعد بين النفوس ، ويحمل بعضنا لبعضنا الفؤوس ، كل يخشى كلا، ناقة جساس وحرب البسوس ، ومنا الخائن ، منا الجاسوس  وعدونا يعربد، يهتك حرمتنا ، ينخر كالسوس في جسد عائلتي ، فتتآكل أراضينا ، كل يعطى ظهره لأخيه ، ولا يتذكر كلمات أبيه ، الاتحاد قوة ، وتتراشق الفؤوس ، يجثم على الصدر كابوس ، فيقتل أبو زيد ، ويقتل دياب ، والمعتصم عن دنيانا رحل ، نعم رحل ، والعرض مستباح ، واتفاق سفاح ، وعدو سفاح ، يمرح لما تنازعنا ففشلنا ، وذهبت ريحنا ، ليلنا بلا صباح ، تصرخ أختي ، تولول أمي ، ليتك يا معتصم تفيق ، ليتك يا معتصم تجيب . 


(  8 )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة ، مذابح فلسطين يا خسوف القمر ، مذابح العراق يا كسوف الشمس ، ولم نصل صلاة خسوف ، ولم نصل صلاة كسوف ، ونحن ألوف  ألوف ، غثاء السيل، وزبد البحر ، ويلهو شيطانهم ، ويتلذذ بلحم الشيشان ، وكؤوس شرابه دم الأفغان ، ولم نصل صلاة خسوف ، ولم نصل صلاة كسوف ، فليس عجيبا على أمة قتلت حسينا في كربلاء ، تناسى دير ياسين ، قانا ، صبرا وشاتيلا ، ومجازر أكثر من أن نحصيها ، وما أبكانا قتلنا هوانا ، وابتدعنا في لغة القرآن ، ونسبت إلينا ويا للعار ، أفعال الاستكانة ، فاستنكرنا ، وشجبنا ، وشكونا ، وأدنا ، فاستكنا ، والدم المسلم هان ، راح في خبر كان ، كأنه ما كان فينا ، سيف لله مسلول ، وابن الوقاص ، وابن الجراح ، وابن العاص ، وقطز ، وليث مصري عبر الهزيمة ، وفتيان أرنون خير الفتية فينا ، ولم نصل صلاة خسوف ، ولم نصل صلاة كسوف . 


(  9 )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة ، وجدت مصباح علاء الدين ، فركته ، ظهر الجني أمامي ، العم سام ، بلسان سام ، يسخر منى ، يهزأ بي ، شبيك ..لبيك..ماذا تطلب ؟ ، قل.. ، يسخر منى ، أأبيد لك الشيشان ، أم أشعل لك النار في أفغانستان ، وباكستان ،أم أكمل دمار لبنان ، أم أطفئ نار الغضب في الجولان ، فيا أهل 
عربستان أرضكم قبركم ، والجنى يقهقه وأنا أنهنه.


( 10 )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة ،  أرى قرني الشيطان على رأس عجوز شمطاء ، من ظلمات الكره أتت ، من ناد يرتع فيه المنكر ، تقترب منه الصيحة ، وشيطانات يرقصن وسط بركة من دماء ، يتدثرن بأردية زرقاء ، مبقعة ، يرددن الرقى في مدح البربرية والهمجية ، ومدللها كي يتزعم ، يقدم قرابينه من دم أطفالي ، تقتل ، تتلذذ ، والدم على شفتيها ، وفمها الدنس تبرز منه الأنياب ، والصدر منكشف عن قلب أسود ،يفور منه حقد أزلى ، عارية الساقين ، والقدمان تلطختا بالأوحال ، تضحك هذيانا ، سكرى ، نشوى ، وبيدها طفلي تنهش فيه ، وبالأخرى رحم امرأة عربية ، تنظر إليه شذرا ، إذ حرمها النوم ، والرحم يتمدد ، يتقلص ، ينقبض ، يخرج منه طفل يبكى ، تهدده الأم ، لا يبحث عن ثدي ، يبكى ، يبكى ، ولا يكف إلا بعد أن تلتقط كفه الصغيرة حجرا ، لم يبن جوعا أو عطشا ، بل يريد الحرية ، تلك هي المسألة ، هذا لب القضية ، يقتل درة ، ينتفض رحم العربية ، منجبا سيولا لا تنقطع من الدرر.


(  11  )
 ● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة ، أتوا لمفاوضات ، يجرون زنوجا قتلى في الأصفاد ، وهنودا حمرا منزوعي فروة الرأس ، وحمامة بيضاء ذبيحة ، وغصن زيتون ذابل جاف الأوراق ، يضحكون ، يسخرون ، والأقصى يئن ، والقدس حزين ، وأنا المستكين ، وجرس الكنيسة مختنق الدقات ، ينوح ، ينوح ، ومهد الأنبياء أرضى فاضت منها العبرات ، ماذا تنتظر ؟ ، تصرخ في ، الحق العربي لا شيه فيه ، ليس لمفاوضهم شئ يخفيه ، هتك سره في التوراة ،والإنجيل، والقرآن، حقي لا شيه فيه.


(   12 )
● في ركن مظلم بزاوية في بيت العائلة ، انقشعت سحب الدخان ، وبحثت عن قداحة ، وعلبة سجائر ، بحثت مليا وطويلا ، أحاول أن أرى مزيدا من خيبتي ،  مصيبتي ، وحسرتي ، فاكتشفت  أنى ما امتلكت يوما قداحة ، ولا دخنت السجائر أبدا، ولكن زفراتي الملتهبة ملأت المكان ، فانتشرت دخانا ، زفرات تمزق صدري ، عبرات تحرق وجنتي ، ورائحة شواء تنبعث من جسدي ، فظللت أصرخ ، أصرخ ، تداركينى رحمة ربى ، أدركي يا نصر الله ، أنى لي بصلاح الدين ؟، أنى لي بصلاح الدين ؟.


د. كمال يونس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *