تَوارَ فَـإِنَّ سَوادَكَ بـــادِ *** وَوَجهُـكَ أُسُّ خَـــرابِ البِــلادِ
وَأنتَ خُــواءُ الطَّريقِ وَأنتَ *** غِيابُ الهُدى في القُرى والبَوادي
وَأنتَ حِدادٌ يُغطّي مَدانا *** وَأنتَ غُرابٌ غَفا في الرَّمادِ
وَأنتَ الهَزيمَةُ في كُلِّ فَجرٍ *** وَأنتَ الرَّداءَةُ في كُلِّ نادِ
وَلولا نَراكَ تُفرِّخُ شُؤماً *** لَكُــنْـتَ عِداداً بِصَفِّ الجَمادِ
وهذا التُّرابُ تَناسلَ عِشْقاً *** فَلَيسَ يُساكِنُ قَفزَ الجَرادِ
خَذلْتَ المَواسِمَ والزَّهْرَ لُؤْماً *** وَأَطلقْتَ نارَكَ صَوبَ الجَوادِ
وَيَوماً سَتَهوي جَريحاً ذَليلاً *** وَتَفنى وَحيداً بِغَيرِ عِدادِ
وَأُمُّ المَعارِكِ جاءَتْ مِراراً *** فَأَسبَلْتَ فيها فُصولَ الحِدادِ
خَذَلْتَ الرُّجولَةَ وَالحَقَّ لُؤْماً *** وَجانَــبْتَ مَجداً طَويلَ العِمادِ
وَسَوفَ أُبَدِّلُ جِلدي بِشَوكٍ *** إِذا ما سَمِعْتُكَ يوماً تُنادي
سَأَنفي المَوانِئَ إِنْ كُنتَ فيها *** وَأُطفِئُ فيها شُموعَ الوِدادِ
وَأَقصِفُ صَوتَكَ والأُفقُ يَغلي *** وَأَكتُبُ وَحدي فُصولَ الرَّشادِ
لِأَنــــــَّكَ مَوْتٌ، لِأَنـِّــيَ صَوْتٌ *** لِأَنَّ المَشاعِلَ مَجدٌ يُنادي
أُقاوِمُ حَشدَ الوُحوشِ الضَّواري *** وَأَنتَ تُغازِلُ فُجْرَ الأَعادي
سَيَهوي الرَّقيعُ، وَيَعلو الرَّبيعُ *** وَتَمضي بِعارِكَ واداً لِوادِ
وَمِثلُكَ لَمْ تَصطَفيهِ المَثاني *** فَأَثــخن طَعْناً ظُهورَ العِبادِ
دَعَتْكَ الثــُّريا فَأَسبَلــْتَ جَفْناً *** كَسيراً لِتَسْكُنَ تَحْتَ الرَّمادِ
فَما نِلْتَ مَجداً أَثيراً يُحاكى *** ولا غِبْتَ عَنْ صَفَحاتِ السَّوادِ
سَنَطوي الرِّسالةَ والدَّربُ يَبْقى *** وُسومَ المُحارِبِ بَينَ الوِهادِ
وَيَكفِيكَ أنـــَّكَ سَطرٌ قَصيرٌ *** تـَقـَــنـَّعَ وَحلاً وَما رَدَّ عادي
الكاتب علي النوباني