رسالة إلى أبي رُغال

تَوارَ فَـإِنَّ سَوادَكَ بـــادِ *** وَوَجهُـكَ أُسُّ خَـــرابِ البِــلادِ

وَأنتَ خُــواءُ الطَّريقِ وَأنتَ *** غِيابُ الهُدى في القُرى والبَوادي

وَأنتَ حِدادٌ يُغطّي مَدانا *** وَأنتَ غُرابٌ غَفا في الرَّمادِ

وَأنتَ الهَزيمَةُ في كُلِّ فَجرٍ *** وَأنتَ الرَّداءَةُ في كُلِّ نادِ

وَلولا نَراكَ تُفرِّخُ شُؤماً *** لَكُــنْـتَ عِداداً بِصَفِّ الجَمادِ

وهذا التُّرابُ تَناسلَ عِشْقاً *** فَلَيسَ يُساكِنُ قَفزَ الجَرادِ

خَذلْتَ المَواسِمَ والزَّهْرَ لُؤْماً *** وَأَطلقْتَ نارَكَ صَوبَ الجَوادِ

وَيَوماً سَتَهوي جَريحاً ذَليلاً *** وَتَفنى وَحيداً بِغَيرِ عِدادِ

وَأُمُّ المَعارِكِ جاءَتْ مِراراً *** فَأَسبَلْتَ فيها فُصولَ الحِدادِ

خَذَلْتَ الرُّجولَةَ وَالحَقَّ لُؤْماً *** وَجانَــبْتَ مَجداً طَويلَ العِمادِ

وَسَوفَ أُبَدِّلُ جِلدي بِشَوكٍ *** إِذا ما سَمِعْتُكَ يوماً تُنادي

سَأَنفي المَوانِئَ إِنْ كُنتَ فيها *** وَأُطفِئُ فيها شُموعَ الوِدادِ

وَأَقصِفُ صَوتَكَ والأُفقُ يَغلي *** وَأَكتُبُ وَحدي فُصولَ الرَّشادِ

لِأَنــــــَّكَ مَوْتٌ، لِأَنـِّــيَ صَوْتٌ *** لِأَنَّ المَشاعِلَ مَجدٌ يُنادي

أُقاوِمُ حَشدَ الوُحوشِ الضَّواري *** وَأَنتَ تُغازِلُ فُجْرَ الأَعادي

سَيَهوي الرَّقيعُ، وَيَعلو الرَّبيعُ *** وَتَمضي بِعارِكَ واداً لِوادِ

وَمِثلُكَ لَمْ تَصطَفيهِ المَثاني *** فَأَثــخن طَعْناً ظُهورَ العِبادِ

دَعَتْكَ الثــُّريا فَأَسبَلــْتَ جَفْناً *** كَسيراً لِتَسْكُنَ تَحْتَ الرَّمادِ

فَما نِلْتَ مَجداً أَثيراً يُحاكى *** ولا غِبْتَ عَنْ صَفَحاتِ السَّوادِ

سَنَطوي الرِّسالةَ والدَّربُ يَبْقى *** وُسومَ المُحارِبِ بَينَ الوِهادِ

وَيَكفِيكَ أنـــَّكَ سَطرٌ قَصيرٌ *** تـَقـَــنـَّعَ وَحلاً وَما رَدَّ عادي

الكاتب علي النوباني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *