—————–
لماذا لا تصدقني أيها المحقق؟ ..أنا أقسم لك أني رأيته وهو يفتح باب الشقة، ويدخلها وقد أغلق الباب خلفه بحذر ودهاء شديد، حتى لا يسمعه أحد!.. إنه لص…مضت ثلاث سنوات منذ أن سافرت ميساء جارتنا والشقة مغلقة، ليس لديها أقارب
- بناءً على بلاغك سأكسر الشقة حاجة إسعاد
- هذا ما يتوجب عليه فعلًا الآن قبل غدًا
الشقة على حالها الغبار يغطي المكان، ولا يوجد أى أثر لدخول أي شخص!
غُلّقت الأبواب - لولا أنك سيدة مسنة لحررت لك محضر بلاغ كاذب
- لا أدري ما يحدث
ظلّت تردد وهى مصدومة - رأيته بأُم عيني!!
تعيش الحاجة إسعاد التي ناهزت السبعين عامًا من عمرها في سكونٍ موحش، يلف الكون بهدوء مهيب، لا صوت يُسمع سوى دقات القلوب الخافتة، وروح تنغمس في لجة شعور من الخوف المدفون.
حين يعانق الليل السماء، ويخفى كل شيء خلف حلكته؛ تصبح الأشياء أكثر غموضًا، وكأنها تتخفي بعباءة من الأسرار.
يباغتها زوجها بعباراته الثقيلة وحروفه السامة - أسنظل هكذا كثيرًا؟ متى تنتهي هذه الهلوسة؟
تفيض عيناها بتلك القطرات الصامتة بثقل لا يُوصف، وكأنها تحمل أوجاع القلب وأثقال الروح، فهى تتساقط ببطء، لتترك على الوجنتين أثرًا من الألم الذي لا يراه أحد سوى صاحبه، الذي يشعر به. وكأنها لغة صامتة تعبر عن معاناة لا تستطيع الكلمات شرحها، وتحمل في كل قطرة منها شعورًا مختلطًا من الندم، يتبعه فقدان الأمل، هذه الدموع تروي قصة خفية، تعبر عما يختلج أعماق القلب وأسراره، فتبدو وكأنها ترجمة بصرية لعواطف مستترة.
هذا الرجل البغيض يعود كل ليلة بصحبته فتاة من فتيات الليل، يقضي ليلته ضحكات عالية وأصواتاً غير لائقة بنبرة مرتفعة، مما يثير استيائها !
كان يتظاهر بعواطف مُزيفة تجاهها من أجل ابتزازها ماديًا، ويصر على أن يعطيها علاجها اليومي بنفسه بحجة الإطمئنان، والتأكد من تعاطيها للعلاج كما وصفه الطبيب
-أتعلم أن الدكتورة منى ابنتي ستحضر غدًا
في صبيحة اليوم التالي؟
جاء نور الصباح الوضاء وشعاع شمس “منى” ريحانة روحي أضاء حياتي من جديد،
وستعطيني دوائي بيدها، علّها تكون فيها الشفاء - ماما من أعطاكى هذا الدواء ؟
- يا إلهي!…أحقًا ما تقولين يا ابنتي ؟
- بلى يا أمي، من أتى به إليكِ؟
- الرجل الذي يسكن في الشقة المقابلة لشقتي
ربتت الابنة على كتف أمها، ومسحت بحنو على ما تبقى من شعر رأس الأبيض - يا أمي؛ جارنا هذا رحل عن دنيانا بعد رحيل أبي عنها بأقل من عام…ألا تذكرين؟!!
الكاتبة أميرة عبد العظيم