إنها ليلة صيف مقمرة سماءها صافية…نجوم ساطعة تتلألأ لتضئ دروب الدنيا كلها
قمر مكتمل يضفى على الأرجاء نهار ضوءه وجمال وجهه،
راق لي الخروج مع جهاد ابنة خالتي لأخفف عنها؛ علّها تنأى بعيداً عن ذلك الطريق المليء بالعسرات…
جهاد؛ أيقونة مصرية بملامح ريفية، وعيون كحيلة، أم لثلاثة أولاد عمرها أربعون عاماً، الجمال والكمال يجتمعان في شخصها، امرأةٌ جميلة مكتملة الأنوثة والذكاء ودماثة الخلق،
زوجها وافته المنية إثر حادث مروري أليم، وخلف وراءه أولادًا ثلاثة ومعاش بسيط علاوة على ديونٍ تراكمت عليه!
صار حالها حال مثيلاتها من الأرامل والمطلقات إلا أنها لم تستسلم لليأس يوماً
لم يتمكن منها ظلم الدنيا وإظلامها في وجهها؛ آثرت أن تربى أبناءها على العفة والقناعة
جلست على عجلة قيادة قطار الحياة..وكلها يقينٌ أنّ الله خير معين
حملت حملها الثقيل بساعديها على كتفيها، ومضت تشق طريقها بأظافر صبرها…
تقابلنا وغرتنا الأمانى بالطقس البديع، فاتجهنا إلى بائع الأيس كريم، يأخذنا الكلام إلى سالف أيامنا الخوالي؛ براءة الطفولة وشقاوة الصبا… رن جرس هاتفها: أيوه يا نورا ..ماذا حدث؟
- ماما؛ أخي زين حرارته مرتفعة!
- إزاى؟!…حاضر يا نورا حالًا أكون عندك
هرعنا وخطانا تسابق هلعنا …
أسرعت جهاد بخطى مرتبكة؛ تضرب الأرض بقدميها لتتحرك من تحتها وتوصلها إلى زين!
هكذا كانت – جهاد التي أعرفها- ولا تزال؛ حياتها كفاح لا ينتهي، لم تأبه بذوبان الآيس كريم وسيلانه على أصابعها؛ قبضت عليه بقوة - انظري…
وأشارت بيدها الأخرى إلى ثلاثة مصابيح مضاءة في نهاية الطريق! - انظري…ثلاثة مصابيح مضاءة
الكاتبة أميرة عبد العظيم