حلم لا يهبط للكاتبة أميرة عبد العظيم

كان يشق السماء بجناحيه، محلقًا بحرية كطائر يعرف أن السماء ملكه. صوته يصدح: “أنا قادم!”، كأن الريح تعزف له سيمفونية الانطلاق.
يصعد ويهبط في رقصة مبهرة، يتمايل مع النسيم كطائرة ملوّنة بألوان الطيف، تفتح لها السماء ذراعيها.

لكن الزمن لم يكن رحيمًا، تسلّل إليه دون استئذان، وأجبره على الهبوط.

لم يكن هبوطًا بطوليًا لقائد يسيطر على المحرك، بل كان اضطراريًا، فرضه العمر قبل أن يكون قراره. وجد نفسه خلف نافذة، يراقب السماء التي كانت يومًا ملعبه، يكتفي بصنع الطائرات الورقية، يرسلها مع الريح كأنها تحمل جزءًا من روحه، كلما ابتعدت واحدة، شعر أنها تداوي ندبة عميقة في قلبه، ندبة الطيار الذي لم يكن مستعدًا لآخر رحلة.

دوّى صوت الطرق على الباب، قاطعًا خيط أفكاره. التفت ببطء، وبينما كان صدى النقرات يتردد في الغرفة، سمع الصوت الذي أيقظه من شروده:

“كابتن مصطفى، حان وقت المناوبة!”

نظر إلى الطائرة الورقية التي أطلقها منذ لحظات، تتمايل مع الريح قبل أن تختفي خلف الأفق. زفر نفسًا عميقًا، ثم نهض بهدوء، كان الطيران بالنسبة له روحه، وكان يعلم أن روحه لا يمكن أن تهبط حقًا.

فتح الباب، انتصب بوقفته، وفي عينيه امتداد السماء وحنين لا يخبو، وقال بصوت هادئ لكنه ممتلئ بالعزم:

“أنا جاهز.”

الكاتبة أميرة عبد العظيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *